عدد الرسائل : 379 العمر : 31 العمل/الترفيه : كرة القدم المزاج : مش رايق تاريخ التسجيل : 17/06/2008
موضوع: الرحيل..................... الأربعاء يونيو 18, 2008 6:58 am
الرحيل نقرأ الكلمات ، نتعلمها ، نفهم معانيها ، تعجبنا فنحفظها ، وعلى مر الأيام نحكيها ، للأصدقاء نحكيها ، وللأبناء نرويها ، ولكل الأجيال نعلمها ، وتعود الأيام مرة أخرى ، بأيدي الأبناء ، تخط لهم حياة يعيشوها ، هكذا الأيام ترحل ، وهكذا الناس تعيش رحيل الأيام بالذكرى ، عند الموت ، يقول الناس : حكمة الله أن يرحل العزيز قبل الشقي فينا ، وعند النفي ، يقولون : مرة أخرى الأيام تعلمنا ، إلى البعيد ، أجسامنا ، وأمانينا ، وعند الهجر في الحب يقولوا : إذا أردت أن تنسى ، ابحث عن المرأة الأخرى ، ويبقى السؤال في الحل والترحال : من هو صاحب الإرادة الأقوى في الرحيل ؟؟ الحياة ، تقصر ، أو تطول ، لن تكون للجميع مريحة ، والطريق لمعظم الناس ، شاق وطويل ، ويكثر فيه مرات الرحيل والترحيل لو عرفنا الطريق ودروبه ، أتراحه وأفراحه ، هل سيسمع توسلنا ؟ وهل ينصت إلينا ؟ وهل ينتبه إلينا ويجيب رجاءنا ؟ وكم مرة ستتعلق الروح بالرحيل ؟ وهل تطيق الروح تكراره ؟ هل هو قريب فنستعد له ونتحوط ، أم أنه بعيد ، سيطول فراقه ؟؟ فالحالة صعبه ، الرحيل أو الترحيل فيها ، كئيب ، تنقبض فيه الروح ، ويتقلص عنده الصدر ، ويتوقف معه القلب عن النبض ، ويئن فيه الحنين ، ويترك المجال للقلب الحزين ، أن يتأوه ، عند كل رحيل ، نلجأ إلى الله ، نستغفره ، ونتوب إليه ، طامعين في رحمته ، بكل تذلل ، وخشوع ، والرب يرحم ، ويغفر ويتوب هو واسع الرحمة والمغفرة ، يذل من يشاء ويعز من يشاء بقدرته ، لكن الناس ، البشر، لا يرحمون ، لأنهم عبيد أبناء العبيد فيا ربنا العزيز ، العظيم ، العليم ، وأنت خالق كل البشر ، لماذا تركت البشر بالبشر يعبثون ؟ أستغفرك اللهم وأتوب اليك . حكمة من الرب القادر ، المقتدر ، القدير ، تتساوى مع حكمته في الرحيل ، لامتحان الصابرين ، القانتين ، العابدين . ليت الموت يتوقف !!! إذا توقف الموت ، توقفت الحياة ، لا حياة بدون موت ، ولا موت بدون حياة ، ولا يأس مع الحياة ، ولا حياة مع اليأس ، زعيم كبير قال العبارة ، ومات ، لكنه حي ، لا يزال بمقولته ! رحل ، بعد أن قال جملته ، تاركا للأحياء ، أن يعيشوا معه بها ،تحدي الموت بالبكاء والعويل ، مرفوض ، لأنه اعتراض على مشيئة الخالق في خلقه ، وهو الرحمن ، الحميد ، الرحيم . إذا حاول كل منا ، أن يتحدى رحيل الأجسام ، سينهار وينتهي ، أمام مشيئة أعلى ، وقوة أكبر ، في كل الأحوال هي القدر الذي ، كتبه الله على العالمين ، ولازلنا بين المخير والمسير حائرين !!! لكننا بالروح نعيش ، الحكم ، والمواعظ ، والأمثال ، والسير ، ومن أكرم من رسولنا الكريم ، وقد مات صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ تبقى لنا الرسالة والسيرة ، نتبعها بإخلاص ، نتعلمها من آخرين ونعلمها للآخرين ، تلك هي ميزة الرحيل ، أو الترحيل !! الرحيل مأساة ، لأنه يلغي الاستمرارية ، يلغي المزيد من الوصال ، وربما بعض الخصام ، يوقف حياة تعودنا أن نعيشها ، مع بشر ، ومع أوطان انه يلغي مزيدا من عبارات نتعلمها ونعلمها مع الراحلين ، لكننا لن نكون عبيد ذكرياتنا ، وأجسام الراحلين ، فلا نقبل ونحن مسلمون مؤمنين ، أن نعبد أصناما ، وصورا ، وتماثيل ، والراحل بعد رحيله صنما ، توقفت الحياة معه ، والمعايشة ، نعيش ذكراه لكننا لا ننهي حياتنا به ، ككفار يعبدوا أوثانهم ، وأصنامهم . الرحيل تاريخ ، أيا ما قيل عنه ، وأيا ما قيل فيه ، من كلمات نعزى فيها النفس ، أو نرثي فيها العزيز ، والحياة لا تمضي بلا رحيل ، وتعددت الأسباب والرحيل واحد ، كما تتعدد السلطات ، والمنفى واحد ، وكما يتعدد المحبين ، والهجر واحد ، كله رحيل ، يصنع مأساة تراجيديا ، نكتب معانيها ، ونحفظ قيمها ، ولا نعيشها ،لأنها ماضي ، يلغي الديمومة والاستمرارية ، ولا يصنع حياة . الرحيل ذكرى ، فما هو البديل ؟ ممكن ، أم صعب ، أو مستحيل ؟ صعب أن نجد البديل ، في بعض الأحيان ! حين نريد أن يكون البديل ، مثل الأصيل ! فليس للأم بديل ، وليس للوطن مثيل ، لا بديل عن الوطن إلا بالحياة في الوطن ، محررا ، منعما للجميع ولا بديل عن الوالدين ، إلا بميلاد جديد ! في الحياة نعيش مع بشر يفلسفون الأمور ، بحثين عن البديل ! سقراط الحكيم ، قال لتلاميذه : إن الروح لا تولد مع الجسد ، ولا تفنى بفنائه ، ولكن القول المكين : أن الرحيل ، إرادة الخالق العظيم هذا هو البديل : مزيدا من الإيمان ، مزيدا من الثبات ، مزيدا من قوة الصبر ، ولن تبقى الأشياء على حالها ، والتغيير آت ، هكذا علمنا التاريخ والإيمان يجعلنا ، أكثر قدرة على ابتكار أفضل ما أراد لنا ربنا أن نكون ، والوعد ن نعيش بالحب ، والحق ، والخير ، للجميع . المزيد من الإيمان ، بالقضاء والقدر ، خيره وشره ، وبكل المعاني السامية ، والمثل العليا ، كفيل أن يجعلنا أقوياء ، قادرين على إسقاط المأساة ، قادرين على تحطيم الأصنام ، دون خوف ، أو قلق ، هكذا يسقط الرحيل ، وينتهي الترحيل . فليسقط الرحيل ، ولترحل الأيام بكل الأشياء ، ولتعش ارادة الخالق العظيم ، رب العالمين ، واهب الحياة للبشر أجمعين .
الكاتب / يسري راغب شراب – الى روح والدي ووالدتي وكل الشهداء